الجمعة، 17 أبريل 2020

المغرب: الكفاح من أجل الاستقلال و استكمال الوحدة الترابية

                     
  


  المغرب: الكفاح من أجل الاستقلال و استكمال الوحدة الترابية

تمهيد إشكالي: بعد توقف المقاومة المسلحة التي قامت بها القبائل المغربية ضد الاحتلال العسكري الفرنسي و الاسباني ما بين 1912و 1934م بدأت مرحلة جديدة في النضال الوطني اتخذت صبغة سياسية، و انتقلت من طور المطالبة بالإصلاحات إلى طور المطالبة بالاستقلال الدي أعقبه مسلسل استكمال الوحدة الترابية.
فما هي ظروف نشأة الحركة الوطنية؟ ما هي الوسائل التي اعتمدت عليها؟ و ماهي مطالبها الإصلاحية؟ و كيف نجحت في انتزاع الاستقلال؟ و ما مراحل و أدوات استكمال الوحدة الترابية؟
المقطع التعلمي الأول: ظروف نشأة الحركة الوطنية و الوسائل التي استخدمتها في نضالها خلال الثلاثينات.
النشاط التعلمي الأول: ظروف نشأة الحركة الوطنية.
ارتبط بروز الحركة الوطنية بمجموعة من العوامل؛ كان أبرزها إصدار السلطات الفرنسية الظهير البربري 16 ماي 1930م، الذي استهدف التفريق بين العرب و الأمازيغ و تمزيق الوحدة المغربية؛ وبالتالي كان الشرارة التي أشعلت فتيل المقاومة الوطنية في صورة احتجاجات و مظاهرات شعبية منددة بالسياسة الاستعمارية، بالإضافة إلى تضرر المغاربة من مخلفات الأزمة الاقتصادية العالمية لسنة 1929م؛ ومن السياسة الاستغلالية التي اتبعتها سلطات الحماية في كل مناطق المغرب، كما تأثر المغاربة بحركة التحرر العالمية سواء في المشرق العربي أو أسيا. وفي ظل هذه الظروف تأسست الأحزاب السياسية؛ ففي المنطقة السلطانية تأسس حزب كتلة العمل الوطني سنة 1934م؛ الذي انقسم سنة 1937م إلى حزبين؛ حزب الحركة الوطنية لتحقيق الاصلاحات بزعامة علال الفاسي؛ و حزب الحركة القومية المغربية بزعامة محمد بلحسن الوزاني، وفي المنطقة الخليفية(منطقة الاحتلال الإسباني) تأسس حزب الاصلاح الوطني سنة 1933 بزعامة عبد الخالق الطريس، وحزب الوحدة المغربية سنة 1937 تزعمه محمد المكي الناصري.
النشاط التعلمي الثاني: الوسائل التي استخدمتها الحركة الوطنية في مقاومتها للاحتلال الأجنبي.
سواء في المنطقة الخليفية أو السلطانية، فإن الحركة الوطنية خلال الثلاثينات لجأت إلى عدة وسائل لمواجهة الاحتلال الأجنبي، نذكر منها على سبيل المثال؛ الصحافة الوطنية(مجلة مغرب، جريدة عمل الشعب...) التي فضحت نوايا و أعمال السياسة الاستعمارية؛ و نشرت الوعي الوطني في صفوف المغاربة، كما أنشأت المدارس و المعاهد التربوية و التعليمية الحرة(مدرسة النجاح بالدار البيضاء، المدرسة الإسلامية الحرة بطنجة...) للاهتمام باللغة العربية و الثقافة الإسلامية، ولجأ المغاربة إلى مقاطعة البضائع الأجنبية، و الاحتفال بعيد العرش و التمسك بشرعية المؤسسة السلطانية.
النشاط التعلمي الثالث: المطالب الإصلاحية للحركة الوطنية خلال الثلاثينات.
تقدم حزب كتلة العمل الوطني في المنطقة السلطانية ببرنامج إصلاحي سنة 1934م تضمن المطالبة باحترام بنود معاهدة الحماية، و إلغاء وسائل التعذيب، و المساواة بين المغاربة و الأجانب في الضرائب، وحماية الصناعة التقليدية من المنافسة الأجنبية، و إلغاء الرسوم بين المناطق المغربية، وتحسين مستوى دخل الأسر المغربية و الرفع من جودة الخدمات العمومية كالتعليم و الصحة، وتحسين ظروف الطبقة العمالية.... وطالبت الحركة الوطنية في المنطقة الخليفية من خلال برنامجها الإصلاحي" مطالب الأمة" بتكوين مجالس بلدية منتخبة تمثل الشعب المغربي، و الاهتمام بالتعليم بجميع مستوياته مع الحرص على الاعتماد على اللغة العربية إلى جانب اللغة الإسبانية، و إرسال بعثات لتلقي العلوم في المدارس العليا الإسبانية، وألحت على  تحسين ظروف عبش المغاربة، و احترام حرية الصحافة و تأسيس الجمعيات...
المقطع التعلمي الثاني: تطور الحركة الوطنية نحو الاستقلال(1944ــ1956).
النشاط التعلمي الأول: التحول الذي عرفته الحركة الوطنية(1944ــ1953م) و تفسيره.
خلال المراحل الأخيرة من الحرب العالمية الثانية، تحولت الحركة الوطنية من المطالبة بالإصلاحات إلى المطالبة بالاستقلال، و تجسد ذلك في تقدم حزب الاستقلال بوثيقة أو عريضة المطالبة بالاستقلال في 11 يناير 1944م، أيد السلطان محمد الخامس مطلب الاستقلال؛ و أكد على  ذلك في عدة محطات(خطاب طنجة 1947، زيارة فرنسا 1950، خطاب العرش 1952، رفض توقيع الظهائر التي تمس مصالح المغرب...).



 ويفسر هذا التحول بعدة عوامل: تجاهل سلطات الحماية المطالب الإصلاحية للحركة الوطنية، و استمرت في نهج سياستها القائمة على الاستغلال و التفرقة والقمع كقمع احتجاجات ساكنة بوفكران1937م بعد رفضها تحويل مياه واد بوفكران للضيعات الفلاحية للمعمرين، و التضييق على زعماء الحركة الوطنية، حيث اعتقلت عددا منهم، ونفت علال الفاسي إلى الغابون و محمد بن الحسن الوزاني إلى الصحراء.
و بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية، برزت عدة مستجدات دولية منها صدور الميثاق الأطلسي  1941م الذي نص على حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولقاء أنفا سنة 1943م الذي قدم فيه الرئيس الأمريكي روزفلت بعد زيارته للمغرب وعدا بدعم استقلال المغرب، كما حققت الحركات الاستقلالية في المشرق العربي و أسيا نجاحا مهد لاستقلالها، وتعرضت فرنسا للاحتلال من طرف ألمانيا...
النشاط التعلمي الثاني: دور ثورة الملك و الشعب في تحقيق استقلال المغرب(1953ــ1956).
بعد تأييد السلطان محمد الخامس مطالب الحركة الوطنية واحتداد الأزمة بينه و بين سلطات الحماية، أقدمت على نفيه في 20 غشت 1953م ونصبت مكانه محمد بن عرفة، فاندلعت ثورة الملك و الشعب، اعتمد فيها الوطنيون على تنظيم المظاهرات تحتج على نفيه وتطالب بعودته، ومقاطعة البضائع الفرنسية، واللجوء إلى  الكفاح المسلح بتنظيمهم عمليات فدائية استهدفت المصالح الاستعمارية و المتعاونين مع سلطات الحماية، ومن أشهر هذه العمليات محاولة علال بن عبد الله اغتيال محمد بن عرفة، وفي خضم هذه التطورات تأسس جيش التحرير. وردت سلطات الحماية على ذلك بالقمع و الاعتقال و الاغتيال، حيث قمعت بشكل همجي المظاهرات الشعبية المنددة بمقتل الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد، وهو ما يعرف بأحداث " الكاريان سنترال".
وبعد تصاعد مقاومة الحركة الوطنية سياسيا ونقابيا و عسكريا، اضطرت فرنسا إلى الدخول في مفاوضات معها، انطلقت من إيكس ليبان22ــ27 غشت 1955م، توجت بعودة السلطان محمد الخامس إلى أرض الوطن وتنحية محمد بن عرفة، وتشكيل مجلس العرش و حكومة مغربية، ثم استمرت المفاوضات إلى حين التوقيع على وثيقة الاستقلال 02مارس 1956م.
المقطع التعلمي 3: مراحل استكمال الوحدة الترابية.
تتأطر عملية استكمال الوحدة زمنيا ما بين 1956م تاريخ حصول المغرب على الاستقلال، و 1979م تاريخ استرجاع إقليم وادي الذهب. وكان ذلك عبر مراحل:
ü    المرحلة الأولى: استرجاع طنجة سنة 1957م عبر مفاوضات و ضعت حدا للوضع الدولي، حيث عادت المدينة تحت السيادة الوطنية.
ü    المرحلة الثانية: استرجاع طرفاية في أبريل 1958م بعد مفاوضات مغربية إسبانية جاءت عقب المقاومة الشعبية لقبائل آين باعمران.
ü    المرحلة الثالثة: استرجاع سيدي إفني في 30 مارس 1969م بعد مفاوضات مغربية إسبانية تحت إشراف هيئة الأمم المتحدة.
ü    المرحلة الرابعة: تنظيم المسيرة الخضراء و استرجاع الساقية الحمراء 1975م
ü    المرحلة الخامسة: استرجاع إقليم وادي الذهب يوم 14 غشت 1979م بعد قدوم وفد صحراوي إلى الرباط لتقديم البيعة للعرش العلوي و الدخول تحت السيادة الوطنية.
       إذن تحققت  الوحدة الترابية بكيفية تدريجية و بأساليب سلمية.

v   خاتمــــــة: خلاصة القول، تمكن المغرب من تحقيق الاستقلال بفضل تضافر جهود الحركة الوطنية و الشعب المغربي وملكه، باستعمال وسائل عديدة و متنوعة، واستمر النضال من أجل استكمال الوحدة الترابية، التي لن تكتمل إلا باسترجاع مدينتي سبتة و مليلية و الجزر الجعفرية المحتلة من قبل اسبانيا.
v    
v  المصطلحات:  الحركة  الوطنية ــ المطالبة بالإصلاحات ــ المطالبة بالاستقلال ــ استكمال الوحدة الترابية ــ محمد الخامس ــ علال الفاسي ــ محمد بن الحسن الوزاني ــ عبد الخالق الطريس.

 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق